جبدت الساك متاعها و قعدت تصلّح في ماكياجها ع المرايا اللي كانت معبية الأسونسير (اللي كان هابط)، من غير ما تعطي حتى أهمية لوجود الشاوش معاها و في نفس الوقت اللي عينها كانت مرشوقة ع الكونتور اللي يبينلها الطابق اللي هي فيه...
كيف قريب يوصلوا، يتكلّم الشاوش اللي كان باين انو هو المسؤول ع الأسونسير بصوت أجش يظهر كأنو يحاول يتفينس شوية، لكن زايد حيث يبان بصورة واضحة انو قاعد يتقوّى على بدنو

يقوللها: قريب نوصلوا مدام!

ابتسمت، هاك الإبتسامة الصفراء المعلالة متاع العادة متاعها و هي تڤحرلو على فرد جنب في نفس الوقت اللي قاعدة فيه تحط في الماكياج وسط الساك

قالتلو: أوكي، اوكي

ما جاوبهاش، بل حتى أنو ما غزرلهاش جملة واحدة، رغم انها م اللي اتكلّم ما هبطتش عينيها من عليه، كانت تحاول جاهدة انها تعرف إذا كان قاعد يغزرلها بالسرقة و إلا لا، إلا انو المرايات الكحل اللي كان لابسهم ما خلاوهاش تتمكن من إيجاد إجابة شافية و قاطعة لتساؤلاتها...

ابتسم، رغم الجدية اللي حاول انو يتظاهر بيها و اللي وصاوه انو ملزوم ما تكون سمة م السمات اللي تميزو وقت ما تم اختيارو للخطة الوظيفية هذيكة... إلا انو ما نجمش يمنع ابتسامة خفيفة من انها تبان على ملامحو قدام الغزرة متاعها... و قعد يتمتم بينو و بين روحو

قال: الهم، ماصح رقعتها... لا حبت تهبّط عينيها

اعتقدت انو إبتسامتو كانت نوع م المجاملة، فابتسمت هي الأخرى، و بصوت منخفض

قالتلو: ميرسي

قعد يغزرلها باهت في عجب ربي، حتى أنو خاف لوهلة لا تكون قاعدة تقرالو في أفكارو... و هذا شي ما كانش يستغربو قدّام الشي اللي حكاوهولوا على قدراتها الخارقة و إمكانياتها الغير طبيعية و موهبتها الفذة، الشي اللي خلاها تترشح انها تكون اول مرى تترأس إدارة ليها وزنها و قيمتها في الكواليس السياسية متاع البلاد.

ابتسم، ابتسامة متاع تتليف جرة و قعد يلعن في النهار اللي وافق أنو يقبل الوظيفة هذي...

رجعت بيه الذاكرة عام لتالي، كيف ما تو، دخول صيف... كان قاعد رايض على روحو، راكش في هاك الإدارة المحنونة، يضرب في النوم على حساب صوردي، ما همّتوش فيها إذا طابت و إلا اتحرقت، حد ماهو ملوّج عليه إذا كان يخدم و إلا لا، موجود و إلا فاصع... أصلا ما ثمة حد بش يبربش في جرتو على خاطرو ما ثمة حد قاعد يخدم جملة واحدة.

اقترحوا عليه انو يشد شاوش في هـ الإدارة هذي مقابل إمتيازات ما كانش يمكن لمديرو في الإدارة السابقة انو حتى يحلم بيهم في منامو... خرجات و بريمات و سوايع زايدة، و عند نهاية الخدمة و قبل ما تتم إحالتو على شرف المهنة، عندو الحق في حجّة (من غير لا قرعة لا غيرو)...

و أمام حساسية الخطة الوظيفية هذي، كان من الضروري عليه أنو يكون يعرف يقرى و يكتب... عرضوا عليه أيضا انو ينضم لأحد فصول محو الامية الموجودة في دواير مسقط رأسو... فرحتو كانت ما تتوصفش، حاجة و حويجة، منو يعدّيه كونجي خالص في البلاد مع المرى و الصغيرات، و زيد يتعلّم يقرى و يكتب ع الأقل يولّي ينجم يقرى الدبلجة متاع الأفلام الهنداوية اللي مغروم بالفرجة فيهم ع النايلسات.

و أمام التغيّر المفاجئ اللي قاعد يشوف فيه قدّام عينيه، سألهم علاش ما يجيبوش واحد قاري بشهادتو يخدم الخدمة هذي... خاصة انو الإمتيازات المعروضة عليه تخلّي حتى واحد عندو الدكتوراه يوافق من دون أي تردد و يقبل يخدم في بلاصتو... إلا انهم اكدولو أنو حساسية الخطة تقتضي واحد ما يفهملهاش برشا، على خاطرو بش يقعد يسأل ع العلّة و بنتها و بش يطيرلهم الكيف متاعهم، لذا تم ترشيحو للوظيفة، و خاصة انو بعد تأهيلو كما يجب، بش يولّي كيف العجينة بين يديهم، يشكلوها كيف ما يحبّوا... و زادوا نبهوا عليه (من تحت لتحت، بصفة اخوية) أنو م المستحسن يسمع الكلام و هو ساكت، من غير ما يسأل...

فرح، و شعر بنخوة و اعتزاز لا مثيل لهما، مش لأنو تم اختيارو هو تحديدا لمثل ذلك المنصب الرفيع... و إنما لانو الكلام اللي سمعو خلاه يتأكّد أنو المبدأ متاعو في الحياة كان صحيح، و ما كانش غالط كيف عرّس بطفلة أصغر منو باثناش عام، لأنو حب مرتو تكون غشيمة زكيمة و يربّيها هو على يديه كيف ما يحب..

و التحق بالمدرسة الصيفية لمحو الامية اللي نظّمت (إلى جانب دروس تعليم اللغة العربية لأبناء عمالنا بالخارج) خصيصا على خاطرو هو، و بحكم علاقتو الطيبة بوالد المعلّم اللي اختاروه بش يقرّيهم، فكان من الطبيعي أنو يتميز وسط المجموعة، و يتحصّل على شهادتو... كيف كيف زادة، علاقة الصحبة اللي كانت تربطو مع واحد م القوّادة متاع المعتمد، خلات التقرير متاع الدورة التاهيلية (اللي كان موضوعها سرّي لدرجة أنو يخاف يتذكرو حتى في خيالو) يكون مضروب بالسّفود... و في ظرف وجيز اجمع الجميع على انو كان قياسي، كان مستعد تمام الإستعداد لمباشرة المهمة متاعو... و كانت سرعة تاهلو تعبّر عن انو اختيار السادة المسؤولين ليه لهاته المهمة ما كانش اعتباطي، و إنما يرجع لنظرة ثاقبةو رؤية مستقبلية لا متناهية الأبعاد...

حتى يتذكّر انو بالصدفة، يلقى إحدى قنوات النايل سات تعدّي في مسلسل رأفت الهجان، فواضب على متابعتو و ذلك حتى يمنح نفسو فرصة للتعرف مسبقا على اجواء العمل اللي اعتقد أنها بش تكون مشابهة لما يجري في المسلسل، لعل تتاح لبه الفرصة بش يتخطي بعض العقبات اللي يمكنلها تعترض مسيرتو و مستقبلو المهني اللي و على ما كان يتهيّألو م الكلام اللي قاعد يسمع فيه، فإنو بش يكون متميز و حافل بالتألق و التميز.

رغم انو ما كان يفهم شي م الكلام الكبير اللي قاعد يتقاللو، و لا الأوراق اللي خلاّوه يصحح عليهم، بعد ما كان يتظاهر طبعا انو قاعد يقرى فيهم قراءة سريعة قبل ما يصحح، بش يظهر فايق و عارف... إلا انو كان متاكد في قرارة نفسو انو غير اسمو و اسامي مرتو صغارو و المعلم متاع محو الامية، و اللي كان حافظهم كيف التصويرة ما كان ينجّم يقرى حتى شي غير بصعوبة بالغة...

يتذكّر مليح اول نهار ليه في الخدمة، وقت ما اتحل باب الأسونسير لأول مرة، و قعد يحاول جاهدا أنو يقرى المكتوب ع البلاكة المعلقة في السقف في أول الكولوار الطويل، و بعد جهد جهيد، نجح انو يتهجّاها

إ.د.ا.ر.ة الـ.حـ.جـ.ب

يتذكّر مليح انو قلبو وقتها ولّى يدق، اعتقد أنو الحكاية قد يكون ليها علاقة بالدين الإسلامي و الحجاب و الاخوانجية، و اعتقد انو أول ما يقدّم في الكولوار بش يشوف غرف التعذيب على يمينو و شمالو كيف ما شافهم في فيلم الكرنك اللي تفرّج فيه درى قدّاش من مرة المدة الفايتة... إلا انو اتفاجأ كيف يلقى الكولوار مرشّق بالبيروات و الأورديناتورات، و انهم الموظفين الكلهم ماركة كوستيم و كرافات... و وقتها برك وين تذكّر أنهم قالولو انو خدمتو ليها علاقة بالانترنت، رغم اللي علاقتو بالانترنت ما تتعدّاش الدينار اللي كان يعطيه لولدو بش يمشي لهاك الحانوتة اللي في الحومة و يلعب الجي تي آ GTA و إلا البرو 6 PRO6، إلا انو اتنهّد كيف تاكد انو الحكاية ما عندهاش علاقة بالإخوانجية من قريب او من بعيد.

و يتذكّر مليح انو قعد ماشي بخطى كان حاول قدر المستطاع انها تبان ثابتة، لين وصل للباب المغلّف بالجلد الموجود في آخر الكولوار، و قبل ما يدق الباب، حاول أنو يتهجّى المكتوب بالاكحل على هاك البلاكة المذهبة، و بصعوبة بالغة لدرجة انو اضطر بش يستعمل صبعو و يتبّع الكلمات على خاطرها الكتيبة ما تشبهش للحروف اللي يعرفهم و اللي قرّاوه بيهم في القسم متاع محو الامية... و بشق الانفس نجّم يقرى المكتوب ع البلاكة

مـ.كـ.تـ.ب ا.لـ.مـ.د.يـ.ر ا.لـ.عـ.ـا.م
ا.لـ.سـ.يـ.ـد عـ.مـّـ.ــا.ر

ابتسم، كيف شلق اللي المدير اسمو عمّار. و دق الباب...

أصيب بحالة إحباط شديد، كيف عرف انو مهنتو بكل بساطة بش تكون تحضير القهاوي و التاي و ما إلى ذلك من مشروبات و حلويات للموظفين، إضافة إلى توليه نقل بعض الملفات بين المكاتب في أوقات الذروة كيف تشد بعضها بالخدمة و يكون ثمة نقص في الموظفين.

يتذكّر مليح صوت السيد المدير و هو يطبطبلو على ظهرو و بنبرة كلها جدية و حزم

يقوللو: ما انحبّش انبه عليك، هوني الخدمة و السكات

جاوبو: حاضر عرفي، كون متهنّي، ما عندك كان الرجال

و باشر مهمتو في كنف النشاط اللي كان يزداد يوما بعد يوم... رغم اللي كان م الاول ماهو فاهم شي، و كيف الأطرش في الزفة، إلا انو بالشوية بالشوية بدي يفهم في السيستام متاع الخدمة.

الحاجة الوحيدة اللي كان يسعى دايما للإلتزام بيها، هي انو ما يلزمش تربطو حتى علاقة بأي موظف مهما كانت درجتو... هو اصلا ما ثمّاش أسامي بش يتعامل معاهم، الموظفين الكلهم يتميزوا بكودات تكون مكتوبة ع البادج الإجباري انو الموظف يعلقو طيلة تواجدو بالإدارة... الوحيد اللي كان ليه إسم إلى جانب الكود متاعو هو المدير... عمّار 404

كان ماشي في بالو انو بالحق اسمو عمّار، إلا انو احد الموظفين أسرلو مرة في قالب بعض الحديث انو تسمية عمّار تطلق عادة ع اللي يتولّى المنصب هذاكة... و بش يفهمو بالفلاّقي اللي يفهم بيه، فهمو انها الحكاية كيف لقب السلطان... حتى انو عمّار هذا هو الثاني عشر في تاريخ إدارة الحجب.
و زادت اتطورت العلاقة متاعو ببعض الموظفين، حتى انو أصبح يكردي للبعض منهم و ساعات يدخللهم كسكروتات بالسرقة (على خاطرو ممنوع)... و كان يعتبر ناجح في خدمتو و مردودو الوظيفي كان محل رضا م السادة كبار المسؤولين في الإدارة، و كانت علاقاتو يوما بعد يوم تزيد تتطور مع الموظفين، و الكريدي ماشي و يزيد حتى انو يلقى روحو مجبر بش يستغل السبورة البيضاء المحطوطة ع الكوجينة بش يقيد عليها الكريدي متاعو، و كمّل شري ماركور اكحل غليظ بش يرشم بيه بالسّمح...

عدم التجاؤو لكنش او كراسة يقيّد عليها الكريدي كان لتاكدو انو نسي تماما شدّة الستيلو اللي تعلّمها في القسم متاع محو الأمية، ما حبّش يحط روحو في إحراج ذاتي لتاكدو انو اللي قراه الكل اتمحى من ذاكرتو، و ما قعد يربطو بالقراية كان هاك البلايك اللي كان حفظهم حفاظة بحكم التعود يوميا على رؤيتهم، و النوامر اللي كان مجبر انو يلعب بيهم لعب على خاطرهم كانوا يمثلوا الكودات اللي تميز اصحابها و الحسابات متاع الكريدي اللي كانت فلوس، معنتها اللعب لا.

و قعد هكاكة شهرين من زمان... يخدم من سكات كيف ما يحبّوه يخدم، و كان يشعر برضا تام كونو ملتزم بالضوابط اللي سطروهالو م الاول، لدرجة انو و حتى تلك اللحظة ما يعرفش شنوة الشي اللي قاعد يصير في الإدارة، و هذا الجيش م الموظفين اللي النهار و طولو يبققوا في عينيهم في هاك التلافز فاش قاعدين يعملوا بالضبط... لكنو بحكم تجولو بين جميع الأروقة و المكاتب متاع الغدارة، كان دائم التردد على بعض البيروات اللي كان أصحابها دايما يتفرجوا في حاجات متاع دين و تربية و إسلام، حتى انو كان ينظرلهم بنظرة إكبار و إعتزاز إعتقادا منو أنهم متمسكين بدينهم... على عكس بعض البيروات اللي كان يتحاشي الدخول ليهم او انو تربطو اي علاقة بالجماعة اللي يخدموا فيهم على خاطر في المرات القليلة اللي صادفت و دخللهم كان دائما ما يفاجأ بتصاور و فيديوات متاع قباحة و قلة تربية و تلقاهم الجماعة شايخين و عاملين جو. و كان م الطبيعة بالنسبة ليه انو ما يدورش بيهم و ما يكرديهمش على خاطرهم قلال تربية.

ثمة بعض البيروات اللي كان يدخللهم و يخرج منهم من غير ما يفهم حتى شي، حتى كلامهم و حديثهم كان غامض برشا و كلو رموز و زيد قليل وين يلقى تصاور محطوطة ع الاورديناتورات متاعهم بخلاف بعض الكاريكاتورات اللي ما كان يفهم منها حتى شي...

و رغم الشي هذاكة الكل، و دقة الملاحظة اللي كان يعتقد انو كان يتحلّى بيها، كان متاكد انو المتوظفين اللي في الادارة الكل كانت تجمعهم حاجة مشتركة في خدمتهم، على خاطرهم الكلهم و بدون استثناء، كانوا يعدّيوا اكثر من شطر الوقت و هوما يلعبوا بالكارطة ع الاورديناتورات متاعهم، حتى انو ساعات كان يستخايل روحو قاعد في قهوة غير أنو السكات المطبق و ريحة المعسل تفّاح المفقودة ما يخليوهش ينسجم مع الموقف...

يتذكّر مليح وقت اللي اتسربست في الخدمة، حتى انهم الجماعة الكل بطلوا الكارطة و اتلهاو في حاجات اخرى... كان يسمع في بعض الكلام اللي قاعدين يتداولوا فيه الموظفين خلسة، اعتقد م الاول أنو الاجواء متشنجة لدرجة انو الموظفين الكلهم طاحوا يبّوا في بعضهم، بحبث لاحظ انو كل زوز يجيو بش يحكيو ملزوم ما واحد فيهم يسب بو الآخر، ما فهمش علاش السبان كان دايما بالاب، موش بالام مثلا أو بالدين... لكنو كان شبه متاكد انو ثمة حاجة موش نورمال، زاد شجعو على تثبيت الشعور هذا الحركية الغير معتادة اللي ولات تميز جل الموظفين، و ما أسر ليه البعض منهم انو قد توقع بعض الإقالات و بعض الوجوه يمكن انها تختفي م الإداة، لذا مذابيه لو كان يخلص في الكريدي متاعو لا ترصّيلو من بعد ما يلقاش فلوسو.

و كان السبان اللي يسمع فيه يقترن عادة بكلمة فاس... اعتقد اول الامر انو الحكاية قد تكون ليها علاقة بالبوفاس، و ليه ليه ما ربط الأمر بتفشي مرض أنفلونزا الطيور اللي مازال وقتها حديث الشارع... و اعتقد انو التشنج الصاير قد يكون ناتج عن خوف بعض الموظفين من إصابتهم بالمرض هذاكة... إلا انو و كيف طولت الحكاية شوية اقتنع انو تفسيرو كان خاطئ، و حيث انو ما نجمش يلقى حتى تفسير لحكاية الفاس و البو هذي، فاكتفى أن ربطها في مخو بالمثل الشعبي القائل: جاء يعاون فيه على قبر بوه، هربلو بالفاس.

و زاد التشنج أيامات قبل عطلة نصف الثلاثي الأول متاع المكتب اللي كان يمنّي في روحو انو بش ياخو فيها كونجي و يروّح يعدّيه مع الغشاشر و المرى في البلاد، و يزيد يبدّل الجو شوية خاصة و انو م اللي شد الخدمة عمرو ما تحصّل على حتى نهار راحة... و زاد تاكّد أنو الحلم متاعو بالكونجي أصبح في حلم المستحيل كيف سمع قبل بأيامات أنو عرفهم، مدير الإدارة اتبدّل، و غدوة المدير الجديد بش يبدى... يمشي عمّار و يجي عمّار، كانت هذيكة الجملة اللي يسمع فيها من طرف جميع الموظفين اللي قعدوا، إضافة إلى كلمة حملة اللي كانت طاغية على معظم الاحاديث اللي يسمع فيها بين الموظفين دون ان يفهم الهدف متاع الحملةو لا شنوة هي... لكنو فهم انو كانت ثمة حملة تسببت في طرد عدد كبير م الموظفين و تبديلهم بإطارات جدد بش يتسلموا مهامهم ابتداء من غدوة مع المدير الجديد.

من غدوة... لاحظ انو ثمة حركية غريبة في الإدارة، فإضافة إلى بعض الوجوه الجديدة اللي كانت قد شرفت، و اللي كانت فيها بعض الاوجه النسائية... استغرب الامر خاصة و انو تعوّد انو الموظفين الكلهم كانوا رجال ريحة الانثى ما اتدبّش في وسطهم مما اتاح للعديد منهم انهم ياخذوا راحتهم في الكلام... و زادت دهشتو اكثر كيف سمع البعض يقول انو المدير الجديد... هو مرى زادة

قعد يحل ما يغلق، و هو يتمتم بينو و بين روحو

و يقول: يا والله احوال، مرى بش تنجّم القوم هاذم؟

بحيث ما انتبهش للموظفة الجديدة اللي كانت واقفة مع جنبو كيف اتلفتتلو على فرد جنب و بنظرة كلها ازدراء

قالتلو: شبيها المرى... ما تڤدها كان نساها راهو

قعد يمهمه ما لقاش ما يقول و ما يعمل غير انو يخليها و يمشي على روحو يلتحق بالموكب اللي كان اتجمّع قدّام الاسونسير ترحيبا بقدوم المديرة الجديدة.

اشرأبّت الأعناق، كيف سمعوا التنوقيزة متاع الاسونسير قبل ما يتحل الباب معلنا قدوم المديرة الجديدة... العباد الكل تحب تتعرف عليها و تشوفها.
و خرجت المديرة م الأسونسير، متأنقة كما يجب، ابتسامة خفيفة متاع مجاملة مرتسمة على شفايفها و هي تحيي في الموظفين اللي كانوا مرشقين ع الأجناب متاع الكولوار العريض و تتقدّم رويدا رويدا لين وصلت للباب المذخم المعلّف بالجلد و المخصص للمدير، و قعدت تقرى في هاك البلاكة المذهبة بصوت مرتفع

و تقول: مكتب المدير العام... السيد عمّار

و انهمر التصفيق من كل صوب و حدب، و تعالى للأسماع بعض عبارات الترحيب من نوع نوّرتنا، شرفتنا، مرحبا، هـ الخطى السعيد...

وقفت تغزر للوجوه ببعض من الجدية، برغم الإبتسامة اللي ما اتنحاتش من على وجهها إلا انو و على إثر الإلتفاتة متاعها الغير منتظرة، سرت موجة من الصمت المفاجئ... إلا انها و بنبرة مرحة تدل على ثقة مفرطة في النفس (ضاربتو في روحها كيف ما يحلالو انو يقول)، حبّت تقدّم الإضافة من اول دخلة للإدارة

قالتلهم: وووه... لا عاد، يلزم تبدلوها البلاكة

تلفتلها واحد م اللي يخدموا في الإدارة، مازالت ما تعرف حد وقتها، و بنفس النبرة المرحة اللي يقتضيها الموقف

قاللها: شنوة تحب نحطّوا مادام؟

ما جاوبتوش شخصيا، و إنما كانت تدوّر في وجهها بين الجموع المحتشدة قدّام الباب متاع البيرو

قالتلهم: توة عاد المنصب هذا، بان بالكاشف انو تنجّم تشدّوا المرى كيف الراجل

جاوبها واحد آخر قاعد من تالي، ما نجمش يشوف الملامح متاعو، إلا انو عرف من نبرة صوتو انو م الموظفين الجدد اللي جاو اليوم

قاللها: أي، شنوة تقترح سيادتك نحطّوا

بينما اتكلّم واحد آخر، من جماعة البيروات اللي ما كانش فاهم فاش قاعدين يعملوا بالضبط

و قال: أؤمر يا مدام... أحنا اللحم و انتي السكين

أشارت للبلاكة المذهبة بصبعها و هي

تقوللهم: بدلوها البلاكة، حطّو السيدة، و التاء المغلوقة حطوها بين قوسين... معنتها المنصب هذا راهو اتنجّم تشدّو المرى كيف الراجل

و انهالت عبارات الشكر و الثناء، ع الطلعة الهايلة اللي طلعت بيها، و التي و إن دلت على شيء فإنما تدل على المستقبل الباهر اللي ينتظر الإدارة تحت إشرافها، و كانت العبارات الكل تمدح في النظام اللي أرسى قواعد المساواة بين المراة و الرجل، إضافة إلى بعض ممن ترحموا ع الطاهر الحداد.

اتلفتلها راجل عزوز، شيوبة، كان باين من هيأتو انّو ولد إدارة صرف، و بنبرة كلها طحين

قاللها: حاضر مدام... في أقرب فرصة نسعاولك في بلاكة جديدة

و بصوت منخفض

كمّل: ماك تعرف الإجراءات

تلاشت الإبتسامة متاعها للحظات و هي تجاوب فيه بإيماءة سريعة براسها.

هذا الكل و هو (الشاوش) واقف على يمينها بدون حتى إبتسامة، كان يسعى جاهدا انو يسلّكها م النهار الأول و يظهّر وجه السوق... انتبهلها كيف تلفتللو من تحت لتحت على فرد جنب، و فهم انو كان معني بالغزرة هذيكة... ما فهمش ش يعمل، اعتقد لوهلة انها كانت دعوة منها أنو يتصرّف

ديركت، ضربت في مخو الفكرة، جب دهاك الماركور الاكحل الغليظ اللي مستانس يرشم بيه الكريدي من جيب السورية، و توجه للبلاكة المذهبة، قعد يغزرلها شوية و هو يحاول جاهدا يميّز الكلمات من بعضها، في الآخر ابتسم و هو يزيد في حرف تاء مربوطة قدام كلمة المدير بحيث أصبحت المديرة

شعر بسعادة مفرطة و هو يسمع في بعض الهمهمات اللي تدل على إعجاب شديد بالفكرة متاعو... حب يستغل الموقف، كان بينو و بين روحو

يقول: فرصة لا تعاد، يا مدام سعاد

زادها تاء مربوطة أخرى قدّام كلمة السيد بحيث أصبحت السيدة... و زاد ارتفع صدى الهمهمات بين وذنيه و أصبح يسمع في بعض عبارات الشكر مثل، فوالا، صحيت، برافو، آه وي...

زادت ثقتو في روحو، خاصة بعد ما عمل نصف غزرة على فرد جنب و شاف الإبتسامة المرتسمة على شفاه المديرة الجديدة... حب يزيد يستغل الموقف على اكمل وجه، و بنفس الجراةو الإقدام زاد حرف تاء مغلوقة قدّام كلمة عمّار بحيث أصبحت... عمّارة

و التفت للجموع متاع الموظفين اللي كانت محتشدة قدّام الباب متاع البيرو و عينيها مرشوقة في هام البلاكة المذهبة

مكتب المديرة العام
السيدة عمـّارة

و لكنو المرة هذي ما سمع شي من العبارات اللي كانت للحظة سابقة تملأ الفضاء... فقط بعض النظرات المبهمة ممن كانت ليهم جرأة أنهم يرفعوا وجوههم و يغزرولوا، إلى جانب بعض الضحكات المكتومة اللي كان واضح أنها خرجت غصبا عن أصحابها...

قعد يدور بعينيه بين الوجوه، أملا انو يلقى و لو تفسير للصمت اللي أطبق ع المكان فجأة، على غير فايدة، ما فهم انو عمل عملة مزمرة كان ما غمزو هاك الشيوبة اللي تكلّم قبولي و بملامح عبوسة فهم انو في موقف لا يحسد عليه.

و بدون ان تنبس ببنت شفة، دخلت السيدة المديرة و سكرت وراها الباب، بقوة تدل على غضب شديد... و تناهى إلى مسامعه صوت القهقهات اللي تعالت وراءها.

حب يفهم شنوة اللي صار، عرف انو الموقف ليه علاقة بالمكتوب ع البلاكة، إلا أنّو ما جابش خبرة للحكاية عاود قرب من جديد للبلاكة و حاول جاهدا انّو يعاود يقراها م الأول و جديد، قعد يتهجّى في الأحرف بصوت مرتفع في نفس الوقت اللي كان يتبّع في الكتيبة بصيعو

و يقول: م.ك.ت.ب ال.م.دي.ر.ة ال.عا.م

ابتسم في بلاهة و هو يخمم بينو و بين روحو، و بصوت غير مسموع

يتمتم: تطلعشي ما تعرفش تعوم زادة

و رجع يقري في البلاكة م الاول و جديد بصوت مرتفع

و يقول: ال.س.يّ.د.ة ع.م.ما.ر.ة

و دهش، و عاود فرك عينيه كانّو موش مصدّق الشي اللي قاعد يشوف فيه، و عاود قراها م الاول و جديد... عمـّـارة

أحس بخطورة الموقف، امام القهقهات اللي ملاأت الكولوار م الموظفين اللي مازالوا يتبعوا فيه... حس بدوران شديد كأنّو الكولوار قاعد يتشقلب بيه و رويدا رويدا سرت في بدنو فشلة رهيبة و بدات الدنيا تظلام في عينيه.

و سقط مغشيا عليه.


كتبهاالبرباش على الساعة 22:24

تعليق baz2x1 ...

ouahdik

7 جويلية 2009 في 2:11 ص

تعليق غير معرف ...

رائع جدا

7 جويلية 2009 في 9:21 ص

تعليق RaChEd ThE UnIqUe ...

برافــــــــــو ... والله توّا تأكدت أنك إنسان عندك قدرات خرافية,خيالية,رهيبة في السرد ...
و الله يعطيك الصحة , تي هاك في مستوى نجيب محفوظ ولاّ أعظم ..


والله لكلام إلي نقول فيه من قلبي ..
بوركــــــــــت ...

8 جويلية 2009 في 2:05 ص

تعليق Oussama ...

3lech matwellich tekteb
no9sed t5arrej kteb "riouéya"
wallah m3allem berjoulia

8 جويلية 2009 في 10:23 ص

تعليق عادل ...

فعلا كتاباتك متميزة وتؤشر على قدرات سردية كبيرة

ولكنه يلزمك ان تتعلم الكتابة بالعربية الفصحى، لانه يبدو ان هذه النقطة الوحيدة التي تمثل عامل الضعف لديك، ولكن يجب عليك التغلب عليها ان كنت تريد فعلا الوصول لهدف الرواية الجادة والمحترفة

8 جويلية 2009 في 11:30 ص

تعليق غير معرف ...

bravo

8 جويلية 2009 في 9:31 م

تعليق مفعوص زرداشتي ...

يعطيك الصحة في التدوينة ...واصل

9 جويلية 2009 في 3:52 م

تعليق tounssi ...

ya3tik essahha wahdek ya barbech.

ektebb kima thebb,el fayda fel afkarrr,9allou riwaya jadda wloughet jma3et 3arabia

10 جويلية 2009 في 8:09 م

تعليق غير معرف ...

bourjouliya barbech el blog ken t5arjou kteb ma ykasser e sou9 5miss 3lik

11 جويلية 2009 في 3:12 ص

تعليق غير معرف 12 ...

الســـلام
ما عرفتش شنو نكتب !

ـ قللي ماذا تكتب، أقوللك من أنت.
ـ ماذا تكتب ؟
ـ من أنت..

ههه، ماسطة، ههه، العبرة بالمشاركة
هكة نحبك يا برباش، ممتاز.

12 جويلية 2009 في 6:09 م

تعليق غير معرف ...

الســـلام
ما عرفتش شنو نكتب !

ـ قللي ماذا تكتب، أقوللك من أنت.
ـ ماذا تكتب ؟
ـ من أنت..

ههه، ماسطة، ههه، العبرة بالمشاركة
هكة نحبك يا برباش، ممتاز.

12 جويلية 2009 في 6:10 م

تعليق Aymen TOUIL ...

Berbech, omooorik ma te3jibch , tu es entraint de suivre une courbe stritement decroissante, a ce rythme tu vas arreter de bloguer au maximum dans un mois ou tu vas atteindre tes limites.
nombre d'article mois du Mars =21
nobre d'article moi de Avrile =14
nbr d'articles mois du May =10
nbr d'articles moi du juin =5
nbr d'articles mois juillet =2
Aout = ?????????

13 جويلية 2009 في 10:05 ص

تعليق البرباش ...

@ كل مين اتعدّى و خلّى كومنتار: شكرا

@ وحش لبنة: التدوين بصفة عامة امورو ما تعجبش خويا العزيز... كان انا ماشي و انقص في عدد الكومنتارات ثمة غيري اللي سكر مدونتو جملة واحدة.

تي اهوكة الواحد ع الأقل يقول انو مازال موجود ليس إلا

21 جويلية 2009 في 8:27 ص

تعليق غير معرف ...

Excellent :)

2 أوت 2009 في 9:41 م