ما نعرفش علاش حسيت برهبة، و انقباض رهيب في صدري (أهوكة بالفصحى) و انا انّحي في النّوارة (هاك النوع اللي يشبه للبوق) م الجنينة متاع عم الهادي الله يرحمو...
رغم انو ليه قريب الشهر و نصف م اللي توفّى، إلا أنّي حسيت بنظرتو، أو بش تكون العبارة أوضح، ڤحرتو ليّا و انا نقسم في العرف بش نهز النوّارة... و من غير ما نجيب خبرة، نلقى روحي نتلفّت ع اليمين و ع اليسار نلوّج عليه...
و ابتسمت... رغم الموقف الخاشع و الفاتحة اللي نظن أنّي قد نكون قريتها بزربة في مخّي، ترحما عليه... تبسّمت و انا نتذكر في حكاية:
راس العام متاع 2008، العشية... قاعدين نصلّحوا في الفور اللي بش يطيبوا فيه الدجاجة، وقت ما هز اسامة ولد أختي السكينة و قعد يلعب بيها، كيف فاق بيه بوه الهادي عيّط عليه
قاللو: فاش تعمل... نحّي من يديك السكّينة
قعد أسامة (عمرو خمسة سنين، كان سبقلي و اتحدّثت عليه في تدوينة [العام... اللي كلي على راسو]) يغزر لجدّو على فرد جنب، من غير ما ظهرت على وجهو اي ملامح يمكن انها تعبّر عن موقفو... كيف اللي كان يعرف أنو بوه الهادي مازال عندو ما يقول، و فعلا، تحرّك عم الهادي، من غير ما يغادر بقعتو، فقط حركة يتظاهر بيها انو بش يمشي في الإتجاه متاع حفيدو اسامة، و نبرة كلها غش ما نجمش يمحي بيه الإبتسامة متاعو
قاللو: هيا نحّيتهاشي تو... لا نجيك!
نغزر لأسامة كيف ابتسم، و تلفّت لبوه الهادي
و قاللو: تي شبيك اتعيّط عليّ، ما عملت شي
قبل ما تزيد تكبر الإبتسامة متاعو، و تتغير نبرتو في الحديث و تولي تشبه التهديد الممزوج بالمزاح، و يلوّح بالسكّينة قدّام وجهو
و يقوللو: ريتها السكّينة هذي؟!؟
يحاول بوه الهادي أنو يداري ابتسامتو... يعرف انو حفيدو اللي طالع يشبّهلو في جميع تصرفاتو بش ينبزو بحاجة، قارين بعضهم قراية كيف ما يقولوا...
و يجاوبوا: نحّيتهاشي تو
يرد عليه أسامة اللي مازال يلوّح بالسكّينة قدّام وجهو المرتسمة عليه ابتسامة كبيرة، و بنفس النّبرة
يرد عليه: لو كان مازلت تعيّط عليّ... اللي ما النوّار متاعك الكل نحشهولك بيها
و دهش عم الهادي بالضحك... ما كانش ينتظر من حفيدو اسامة انو يهددو بالنوّار متاعو... رغم اللي م الواضح أنو الجنينة م كانتش تمثّللو مجرد تسليه لتمضية الوقت، و حتى الجايزة متاع اجمل حديقة اللي سبقلو و خذاها ما جاتش من عدم... إلا انو الطريقة اللي حدثو بيها أسامة خلاتو يدهش بالضحك.
الله يرحمو... خيالو مازال يدور في الجنينة، تهيّألي لوهلة انّي بش نسمع صوتو و هو يعاتب فيّ و يفهّمني بطريقة المعلّم القديم كيفاش انو النوارة في الأرض هي ملك الناس الكل، و في يدّي هي ملكي وحدي... و كنت بش نتظاهر أنّي مقتنع بكلامو، و نطبّس راسي و نثني رقبتي كدليل على تأسفي، رغم اللي نعرفوه الكلنا انو النوارة كانت تقعد في بلاصتها لين تذبل و تموت... و كنت نقترح عليه بكل أسف انو ياخو النوارة من عندي، إلا انو و بنفس الأسف زادة كان بش يخلّيني نهزها على امل انّي ما نعاودش صنعتي...
عاودت ترحّمت عليه مرة أخرى و أنا نكمّل نقصم فيما تبقّى م العرف متاع النوارة، و شدّيتها في يدّي... اتلفتت لليمين، منها لليسار، و قمت راسي شويّة لفوق... و عاودت اتبسّمت
يظهرلي عن قريب بش نحش النّوّار اللي في الجنينة الكل و نعمل بيه بوكي... ملاّ رومنسيّة
يعمل ورد الياس في امّاليه ...